ويسألونك عن العنف ضد المرأة

تتعالى وتيرة جلبة عالية في المدرسة صباحا على امتداد زمن الاصطفاف الصباحي والتوجه الى الصفوف حتى اذا ما بدأت الحصة الاولى خيم صمت ناعم رقيق يخيل معه ان لا احد

في المدرسة، الوصول الى هذه اللحظة كان يتطلب منها جهدا كبيرا تبذله في المتابعة والمراقبة واحيانا المطاردة ليصل كل طالب الى غرفة صفه، كانت بعده ترمي جسدها المنهك على المقعد الامامي تلتقط انفاسها ثم يدور حديث بيننا لا نعدم مفاتيحه.

هذا الصباح حمل حدثا طارئا خارجا عن المألوف، بعد ان هبط جسدها على المقعد الامامي بتوان لم تسعف بأي مفتاح للحديث، غطست في بحر نوم بدا عميقا كأنها تحت تأثير جرعة زائدة من انهاك، التزمت الصمت احتراما لتعبها الى ان استيقظت واكتشفت انها كانت نائمة.

هذه نومة تعني ان ليلة امس احداثها غير عادية؟ قلت ابدا… القصة ان الجسد ما عاد يحتمل فالاحداث اليومية نفسها. اجابت اذا.. لماذا جاء الانهاك الذي يبدو واضحا؟ سألت لم اكن اظن ان السؤال على بساطته كان موجعا وسببا لانفجار الام… كانت مخنوقة حد الانفعال الذي جاء في جوابها:.

أتعتقدين ان اعمال اليوم عندي تقتصر على هذا الدور الذي تريني اقوم به هنا، هناك تسعة اضعافه تنتظرني في البيت اليك التفصيل : الجولة الاولى : تبدأ بعد ساعات نوم محدودة عندما استيقظت ثم تبدأ معركتي الاولى التي اسابق فيها الشمس ليبدأ يوم اوله معاناة ايقاظ الاولاد الذي غالبا ما لا ينجح بدون جهد، بعدها اتوزع بين اقناعهم تناول الافطار وترتيب ملابسهم واعداد ساندويشات ثم اعداد الفطور للطفل الكبير سي السيد الذي ان لم يكن قد استيقظ فعلي ايقاظه اسوة بأولاده فان حظي ما اعددته من افطار بالقبول، يكون قد حان وقت الرحلة الى المدرسة مع الاولاد هذه الرحلة التي لا تنتهي معاناتها وما ان ادلف من بوابتها حتى تبدأ معركة تعرفين ادق تفاصليها والتي اضيفت اليها اليوم غفوة الغفلة هذه.

الجولة الثانية : تبدأ حال الخروج من المدرسة باتجاه البيت فيها يتوجب على الجسد المتداعي والعقل المنهك ان يباشر الاعداد ليوم آخر، بين المدرسة والبيت يتم اعداد برنامج العمل المطلوب اول بنوده مائدة الغداء حتى اذا انتهينا ذهب سي السيد الى قيلولته التي كي تتوفر ظروفها على ان اعتزل والاولاد في ابعد موقع، نخوض معركة اعداد الواجبات المدرسية ليوم قادم يدخل على خطها صحوة السيد من قيلولته ليجد المطلوب جاهزا : فنجان القهوة ومعه الريموت كنترول فاذا ما انهيت التدريس كانت ساعات الليل قد سرت وغزا النوم كل الجفون باستثناء عيون السيد الذي تعينه قيلولته على السهر مع مئات الفضائيات حتى اذا ما أودعت الاولاد للنوم بعد عشاء تعددت فيه الطلبات بقي عشاء السيد الذي لا يقل عناؤه عن عناء عشاء الاولاد .

الجولة الثالثة : وقت مقتطع قصير فالاولاد وقد ناموا و السيد تمدد على كنبته والزمن المتبقى امام اللجوء الى النوم قد يسعف في اعداد غداء الغد الذي لا يتوفر وقت على امتداد النهار - لاعداده، هكذا وجب ان تكون الطبخة جاهزة قبل ان آوي الى الفراش حيث ينتظرني نوم لا يستغرقني وقتا طويلا قبل ان اغطس في اعماقه فالجولات الثلاث لم تبق في العروق نبض قوة.

تبقى ايام الاجازة الاسبوعية : تختفي هذه الجولات يوم الجمعة يوم الراحة الاسبوعية او هكذا وجب ان يكون فانا انتظره بفارغ صبر لعلني اجد فيه ساعة راحة لولا ان هناك تسوقا لا بد منه يستدعي جولات في اسواق الخضار والاسواق المركزية لشراء ما لا يقوم بيت اسرة الا بتوفره، علي ان اطارده واصل اليه قبل ان تحين ساعة الغذاء ف السيد اليوم جالس على مرتبة الاسترخاء يراقب من فوقها المشهد كاملا اما اذا وجبت زيارات رسمية او شبه رسمية فالبرنامج عندها معرض لاضطراب، فالتغيب عن هذه الزيارات ينتج مشاكل لا مكان لها في حركة حياتي اليومية.

اما السبت فله قصة اخرى ابطالها طوارئ لا تغيب عن حركة الحياة منها ان تحتاج السيارة لصيانة او يرغب الاولاد في شمة هوا او تجب زيارة مريض او عروس او غير ذلك من تداعيات توجب احيانا الاستعانة ب سي السيد وعندها ينقلب عالي الدنيا سافلها ويولد نكد اكتشفت مؤخرا انني انا امه.

كيف : سألت كشفت لي ابنتي حين سألتني بسذاجة : ماما… لماذ يسميك ابي ام نكد ؟ حين استفسرت كيف ومتى حدث هذا اجابت : عندما عدت من زيارة جدتي قال: رجعت ام نكد .

بعد هذا يسألونك عن العنف ضد المرأة؟!.